5*سياحة* "قـــصـــر الــمــنــتـــزه " وحكاية المائة عام



على الرغم من مرور أكثر من مائة عام على إنشاء "الخديوي عباس حلمي الثاني " لها وتشييده لقصره الشهير المميز بها ، ويحكى لنا "أحمد شفيق باشا" رئيس ديوان الخديوي في ذلك الوقت قصة تعمير تلك المنطقة من خلال مذكراته التي أرخ فيها لمصر زمن "الخديوي عباس حلمي" ، فنجده يوردها تفصيلياً عند تأريخه لأحداث عام 1892 م فيذكر كيف كان " الخديوي " أثناء وجوده بالإسكندرية يخرج إلى النزهة في كثير من الأيام مع بعض رجال الحاشية.

وسرنا من بعد سيدي بشر مسافه كبيره حتى بلغنا مكان أعجب الخديوي بمنظره تكتنفه رابيتان عاليتان وبينهما ضلع صغير وفي طرفه الشمالي جزيرة صغيرة وهنا أمر الخديوي بالإناخة فنزلنا عن رواحلنا تجاه هذا الموقع الجميل ، ورأى سموه أن ننزل نحن في قارب صيد كان متروكاً على الشاطيء لنرتاد هذه الجزيرة وما حواليها ونتعرف ما فيها ، وما يحف بها " ، وهكذا نفذ الرجال المطلوب حتى أشار لهم الخديوي بالعودة ، ومنذ ذلك اليوم تقرر في ذهن الخديوي أن تكون النقطة التي أكتشفها وأعجب بها مصيفاً له وأن ينشيء بها قصراً أنيقاً "قصر المنتزة" وكان على إحدى الرابيتان العاليتان مدافع قديمة من عهد والي مصر " محمد علي باشا" حيث كانت تستخدم لحماية الشواطيء في تلك المنطقة (وهي لاتزال قائمة للآن حيث أقيم أمامها مبنى قصر السلاملك ) ، كما أقام أمامها مزولة (ساعة رملية) نقش عليها بيتان من شعر الشيخ "علي الليثي " ، أما الرابية الأخرى فقد كان بها قشلاق (مركزاً ) لخفر السواحل أشتراه الخديوي من الحكومة وبنى مكانه قصر "الحرملك" ( المبنى الرئيسي بالمنطقة ) ليصبح إحدى التحف المعمارية النادرة ، حيث مزج القصر في مبنى واحد ما بين "العمارة الكلاسيكية" و"العمارة القوطية" بمراحلها المختلفة وكذا طراز "عصر النهضة الإيطالي" و"الطراز الإسلامي" .
 
سبب التسميه :فقد كنا ذات يوم بحضرة الخديوي وكان بينهم محمود شكري باشا رئيس الديوان التركي ، فطلب منا سموه أن ننتخب اسماً للقصر الجديد فأخذ كل منا يقترح اسماً وكان اقتراح محمود شكري باشا أن يسمى القصر باسم قصر المنتزة فارتاح سموه إلى هذا الإسم وأطلقه عليه من ذلك الحين " .
 
وأستمرت الأسرة العلوية فترة ما بعد الخديوي "عباس حلمي الثاني" في الاهتمام بتلك الحدائق واعتبارها مصيفاً رئيسياً للأسرة المالكة ، حتى كانت إقامة فاروق بها وحتى قيام ثورة يوليو 1952 حيث كان مقيماً بها ، فأبلغ بقيام الثورة لتتطور الأحداث سريعاً ليتنازل فاروق عن عرشه ، وليغادر الإسكندرية حيث تسقط الملكية ، ولتفتح حدائق وشواطيء المنتزه أبوابها للعامة من أبناء الشعب في أعقاب ذلك كمنتزه عام وللآن لتتحول إلى منطقة سياحية متميزة ، أما القصر فقد تحول مبنى "السلاملك" إلى فندق راقي مميز ، بينما فتح مبنى "الحرملك" في أعقاب الثورة أمام الجماهير للزيارة قبل أن ينضم إلى مجموعة قصور رئاسة الجمهورية ليحل فيه ضيوف مصر من الرؤساء والملوك والزعماء ، وفي عام 1964 م أقيم فندقاً أطلق عليه اسم "فندق فلسطين" حيث يطل على الخليج الساحر ليشهد مولد أول قمة عربية أحتضنتها مصر في زمن المد الوطني القومي ، كما يتم أستغلال الشاطيء في تشييد الكبائن الجميلة التي لا تمنع رؤية البحر من داخل الحدائق ولتظل المنتزه ذات تاريخ وسحر وبهاء لا يضاهيها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

" فتح الفطير " .. عادة تصاحب كل أول سنة هجرية