"سكسكة فتواية" الجيزة مهرها خناقة .. و"مخبولة الشوارع "تتقن الكونغ فو
![]() |
صورة للفنان محسن أبو العزايم |
عالم الفتوات عالم غريب وعجيب ولم يقتصر على الرجال
...سكسة فتواية من العيار التقيل تدعى سكسكة (اسمها الحقيقى جليلة)
فقد كانت سكسكة فتواية الجيزة سيدة مرهوبة يخشاها الجميع ولها قهوة معروفة تحمل اسم الشيشة وكان المقهى ملتقى فتوات القاهرة والجيزة حيث كانوا يقضون فيها سهراتهم التى تمتد الى الساعات الاولى من الصباح، وكانت جليلة سيدة فارعة الطول قوية الجسم ولها عضلات تمكنها من التغلب على من يقف أمامها، وكان يوجد على ذراعها وشم شأنها شأن الرجال، وكانت ترتدى الصديرى والجلباب البلدى الرجالى والكوفيه مثل التجار الكبار المعروفين بلقب المعلمين، وكانت تمسك بيدها عصا غليظة طويلة (شومة).
المهر خناقة
رآها أحد المواطنين ويدعى عباس حيث كانت تخوض معركة حامية فأعجب بشخصيتها القوية التى كانت تتمتع بها فطلبها للزواج فما كان منها إلا أن اشترطت عليه أن يثبت شجاعته فأخذته إلى مشاجرة وطلبت منه ان يتدخل لفضها فإذا نجح فى ذلك ستكون هى زوجته، فدخل عباس المشاجرة
واستطاع ان يفضها بسهولة فما كان منها إلا أن تزوجته ليصبح مهرها خناقة. وكانت جليلة (سكسكة) لاتدخل أى خناقة لمجرد الخناق فقط ولكنها تدخل بدافع الشهامة وحماية الضعيف من أهل (حتتها)، وكانت امرأة عطوف وتكره المعارك لم يكن فى منطقتها اى حالات طلاق، فكانت تحل جميع المشاكل بين الاسر والازواج وكانت تستمع لهم عندما تتسع المشكلة، وصاحب الخطأ يكون نصيبه علقة كفيلة بأن ترجع اليه صوابه، ولم تكن تحب الشر وتسعى فى الخير وعندما قام اولادها بقتل شقيقها وهربوا فبحثت عنهم واعترفت عليهم مع زوجها وقالت وعيناها تدمعان: انا أصلى أحب الحق حتى ولو كان على أولادى وعلشان كده ساعدت الحكومة فى القبض، عليهم وشهدت ضدهم أمام النيابة وساعدنى المعلم عباس زوجى، كما ان اهل حيها نادرا ماكانوا يلجأون فى مشاجرتهم الى الشرطة لانها دائما تنهيها قبل تدخلها فتضع حدا للظالم والمظلوم
سكسكة والانتخابات
كانت اجمل ذكريات جليلة تلك التى كانت ترويها عن الانتخابات التى حدثت سنة 1950 حين قام احد ابناء الحى بترشيح نفسه امام مرشح معروف من حزب الوفد فانحازت جليلة (سكسكة) لابن حتتها وتولت عملية الدعاية له، فكانت ترتدى ملابس الرجال وتركب العربة الكارو وتطوف الشوارع مع جيرانها وهى تصفق وتهتف بحياة (ابن حتتها)، وكان المنافس له يخشاها ويرتعب من الطريقة التى كانت تتبعها فأرسل اليها بعض اتباعه لمساومتها للانضمام الى صفة، لكنها رفضت كل تلك العروض المغرية وهاجمته فى كل مكان يذهب اليه وبكل الوسائل لدرجة ان المرشح طلب بنفسه حماية (البوليس)، وفى يوم الانتخابات اضطرالمنافس الى ان يؤلف لجنة لمحاربة الدعاية التى كانت تقوم بها جليلة (سكسكة) وأعوانها فأطلقوا عليها لقب (سكسكة) وكانوا يقولون (يارب أهلك سكسكة. فى يوم حرب مهلكة)، وكانت تحلم بأن يعيش الناس فى وئام وسلام ويتركون المعارك والمشاجرات.
وذكرت مدونة بعد الطوفان أن على أرض الواقع، برزت فتوات من العيار الثقيل، لعل أشهرهن تدعى "سكسكة"، التي يروي لنا حكايتها أستاذ علم الاجتماع د. زيدان عبد الباقي في ص 531 من كتابه "المرأة بين الدين والمجتمع" (مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1981). فقد كانت سكسكة سيدةً مرهوبة الجانب، يخشاها الجميع، وتحولت إلى أسطورة مخيفة نسج حولها العديد من الحكايات المبالَغ فيها؛ لأن الثقافة الشعبية تحب الإضافة والزيادة والمبالغة في التفاصيل لتصبح الحبة قبة .
وسكسكة كان مقر نشاطها في شارع أبو هريرة في شياخة رابعة بالجيزة. ففي هذه المنطقة كان يوجد "سوق البرسيم" الذي يتردد عليه الكثير من التجار، وكان المعلم مرسي صاحب المقهى الشهير في هذه المنطقة متزوجاً من "أم سيد" التي اشتهرت باسم "سكسكة". وكان هذا المقهى ملتقى فتوات القاهرة والجيزة، حيث كانوا يقضون فيه سهراتهم التي تمتد إلى الساعات الأولى من الصباح.
وبعد وفاة زوجها، تولت هي إدارة شؤون المقهى. وكانت سيدة فارعة الطول قوية الجسم ولها عضلات تمكنها من التغلب على من يقف أمامها، وكان على ذراعها وشمٌ، شأنها شأن الرجال يومئذٍ، وكانت ترتدي "الصديري" والجلباب البلدي الرجالي والكوفية مثل التجار الكبار المعروفين بلقب "المعلمين". وكانت تمسك بيدها عصا غليظة طويلة "شومة". أخذت سكسكة توسع نشاطها حيث كانت تستأجر - مع آخرين- أرض السوق من الحكومة وتؤجرها هي للمترددين على السوق من تجار الدواجن والغلال والأقمشة وما إلى ذلك. ولم يكن لأحد من هؤلاء أن يمتنع عن دفع المستحق لها، فقد كانت تضربه بعصاها، وتضرب كل من ينضم إليه مهما كان عددهم.
توفيت "أم سيد" وتركت وراءها محمد وسيد، واتسم كلاهما بحسن الخُلق والشهامة، كما تركت شقيقة لهما تدعى نفيسة، حاولت أن تتشبه بأمها، ولكنها لم تحظ بأي شهرة. أنجبت نفيسة هذه كلاً من قرني وسلامة، وكلاهما مثل أخوالهما في الطيبة وحسن الخُلق. وكانت شقيقتهما جليلة تضربهما في الصغر. وأطلقت جليلة هذه على نفسها اسم جدتها وهو "سكسكة"، وقد فاقت في شهرتها شهرة جدتها، وكانت حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي لا تزال على قيد الحياة، وإن كانت قد جاوزت آنذاك الثمانين من عمرها، ولم يعد لها أي شهرة سوى التاريخ فحسب.
وكانت جليلة هذه ترتدي زياً مماثلاً لزي جدتها، ولم يكن لها عمل طوال النهار سوى استغلال قوتها البدنية في إيذاء الآخرين والاعتداء على أبناء الحي وأبناء الأحياء المجاورة، وتفرض عليهم "الفِردة" أو الإتاوة، وويلٌ لمن لا يقوم بدفعها، الأمر الذي يؤكد اختلاف أسلوبها عن أسلوب جدتها التي كانت تتشبه بالفتوات من الرجال ذوي المروءة وليس فتوات شارع عماد الدين وشارع محمد علي، فقد انحرفت إلى أن عرضت نفسها للإيجار، وبات من يرغب في ضرب شخص أو طرده من مسكنه أو تلفيق تهمة له، يلجأ إلى سكسكة حتى تتولى أداء المهمة نظير أجرٍ معين.
تزوجت سكسكة الحفيدة من كلٍ من عامل بناء يدعى حسن السمّاك، ثم ارتبطت بآخر من عائلة "الكوامل" وهو صاحب سيارات نقل ركاب وبضائع، وقد أغدق عليها من ماله وأنجبت له ولدين أخذهما بعد انفصاله عنها لعدم استجابتها لأمره بالبعد عن المشاحنات مع الناس، وتمت تربيتهما تربيةً صالحةً مع جدتهما لأبيهما. وتزوجت بثالث يدعى عباس عامر، من فتوات الحي ومن تجار المخدرات. وقد تولت الاتجار في المخدرات مكانه بعد صدور حكمٍ ضده بالسجن.
أما الزوج الرابع لها فإنه يدعى حسن، وكان كل من هؤلاء يتم زواجه بها بناء على رغبتها وبأموالها عادة، وليس لأحدٍ منهم أي شيء عندها، فقد كان حسن هذا يصغرها في السن، ولكنه وقد أعجبتها قوته فقد أحاطته بحبائلها وأغدقت عليه من أموالها حتى وافق على تحويل علاقته بها من علاقةٍ غير مشروعة إلى زيجةٍ رسمية، وقد كلفها ذلك كل أموالها تقريباً. ومن أولادها: مرسي، عقدة، مبروك، نوال، سيد، عامر، عبلة، رجاء.
لم تنجب سكسكة الحفيدة من زوجها الرابع، إذ تزوجته بعد أن بلغت سن الخامسة والأربعين. وبدلاً من بيع الدواجن، تركت هي زوجها هذه الحرفة إلى فتح "غرزة" شاي. ومع الشاي، كان زوجها الرابع يتاجر في المخدرات. ولم يكن زوجها يشاركها الاعتداء على الناس، وإنما كانت هي تشاركه هوايته في الاعتداء على رجال الشرطة، حتى أصبحت أشبه بمن كان يطلق عليه "أبو طاقية سوداء" والذي كانوا يخيفون به الأطفال في شجارهم مع الآخرين.. تركل بالأقدام وتنطح بالرأس وتضرب بالنبوت وتعض بالأسنان...إلخ.
أخذ نجم سكسكة الحفيدة في الأفول بعد أن تلقت علقة ساخنة على يد المواطن سيد عجلان، إضافة إلى ظهور سيدة قوية أخرى تدعى "حميدة" كانت قوية على الظالمين ونصيرة للمظلومين، أي أنها كانت فتوة بالأسلوب الرجالي القائم على الشهامة. وقد انعكس أسلوبها على كل أبنائها، ولم يستطع أي واحدٍ منهم أن يحتل مكانة الأم في ملاعب الفتوات، الأمر الذي جعل سكسكة تعيش أيامها الأخيرة وهي تجتر ذكرياتها الأليمة حزينةً على شهرتها ومتحسرة على سمعتها والسنوات التي قضتها في السجون نتيجة الاعتداء على إحدى السيدات وفقء عينها وكسر ذراعها لمجرد إظهار قوتها، والاعتداء على كثيرات غيرها. ولم ينس لها البعض أنها لعبت دور "المرشد" للشرطة ضد كل من لا يدفع لها "الفِردة".
ومن أشهر النساء الفتوات أيضاً المعلمة توحة فتوة حي المطرية، وعزيزة الفحلة، وزكية المفترية التي تذكر مراجع عنها أنها فتوة سوق الخضراوات الموجودة في حي المناصرة، إضافة إلى "مجانص الدهل" التي تقول إنها منذ أن دخلت السجن في قضية مشاجرة أفضت إلى موت، وهي تحترف مهنة البلطجة.
وتعتبر "شر الطريق"، كما يسميها أنصارها، أشهر بلطجية حريمي في منطقة الجيارة بمصر القديمة، واسمها الحقيقي "كيداهم". هناك أيضاً "نفتالين بلية" و"مهبولة الشوارع"، والأخيرة بلطجية تجيد استخدام المطواة قرن الغزال، وتتقن رياضة "الكونغ فو" أيضاً.
حكاية الفتوة توحة يرويها سيد صديق عبدالفتاح في كتابه "تاريخ فتوات مصر ومعاركهم الدامية" (مكتبة مدبولي، القاهرة، 1995) فيقول عنها: "قبض البوليس على المعلمة توحة فتوة المطرية، بالقاهرة، ضربت 5 رجال وسيدتين في معركة، أغلقت المنازل والدكاكين في شارع بأكمـله، كانت تجري في الشارع وفي يدها السكين والمبرد، لم يجرؤ أحد على التعرض لها، عندما حضر البوليس استسلمت بلا مقاومة، إن سبب كل المعارك التي دخلتها توحة هو زوجها، إنها لا تطيق أن تراه في خطر، إنها تسرع إلى نجدته، وتبدأ المعركة، وتنتصر توحة دائماً. لقد ضربت توحة قبل ذلك 20 رجلا، ولها معارك كثيرة في حي المطرية.
"في سنة 1951 دق التليفون في مكتب ضابط بوليس المطرية وقال المتحدث: إلحقونا، المعلمة توحة دبحت خمسة وقفلت الدكاكين في شارع الشهانية! وقبض البوليس على المعلمة التي وقفت بجانب ضحاياها والدم يقطر من سكين في يدها، ولا أحد أمامها!
"وبدأت القصة عندما توجه سيد العجلاتي وهو قزم طوله متر واحد، وعمره 30 سنة يطالب زوجها بدين قدره 60 قرشاً، وهددها القزم بإبلاغ البوليس إن لم يدفع زوجها المبلغ ولم تعجبها هذه اللهجة فشتمته وكانت نعناعة والدة سيد القزم تستمع لهذه المناقشة وفجأة أفرغت صفيحة ماء على رأس المعلمة.
"وما كادت المعلمة توحة تتنبه حتى تناولت سكيناً بيدها اليمنى ومبرداً باليد الأخرى، وهجمت على القزم سيد وطعنته في رأسه بالسكين ثم عاجلته "بروسية" في وجهه، فسقطت أسنانه وشاهده شقيقه إبراهيم فجرى هرباً وأراد أن يدخل منزله، ولكن توحة لحقت به عند عتبة الباب وطعنته بالمبرد في ذراعه، و"روسية"، سقط على أثرها فاقداً الوعي! وأخذت تعمل يدها ورأسها وقدميها في أجساد ضحاياها، واستقبلت الأب بطعنة سقط على أثرها ثم قذفت نفسها مرة أخرى على نعناعة، وتصادف مرور رجلين حاولا إنهاء الخناقة فضربتهما توحة "بالروسية" فسقطا على الأرض وعندما أفاقا أسرعا بالفرار ولم يبلغا البوليس.
"وأمام هذه المذبحة والصرخات التي تعالت وسمعها سكان المطرية والسكين والمبرد يقطران دماً، والمعلمة "الهائجة" تضرب كل من يقترب منها، أمام كل هذا لم يستطع أحد من الأهالي أن يتقدم لإنقاذ أسرة أبو اليسر، وأغلقت المنازل والدكاكين أبوابها. أصيب السكان بالرعب، وتصوروا أن توحة ستقتحم البيوت لتذبح من بداخلها، إلى أن رأت الأم نعناعة ما حدث لولديها فنزلت وتلقتها المعلمة الهائجة بعدة طعنات في يدها ووجهها، وجذبتها من شعرها وسقطت بجوار ولديها
"وحضرت أم نعناعة العجوز وهي تلطم خديها ولكن المعلمة استقبلتها "بروسية"، سقطت على أثرها العجوز والدماء تنزف من أسنانها، وعلم الأب بما جرى لأفراد أسرته فذهب مسرعاً إلى مكان الحادث، وتمكن أحد الأهالي من الاتصال تليفونيا بالبوليس وقبض على توحة ونقلت الإسعاف الضحايا الخمسة وتولت النيابة التحقيق معها، ثم أفرجت عنها بكفالة خمسة جنيهات مع أخذ تعهدٍ عليها باعتزال "الفتونة"
المصادر
مدونة قبل الطوفان للدكتور ياسر ثابت
وصفحة المستشرقين والشرق سحر الشرق (مها النجار)
تعليقات
إرسال تعليق