إقرا الحادثة .. " 100 سنة جريمة " ..


كتب - أيمن عثمان :

قبل ثورة 1919 إعتمدت مجلة اللطائف المصورة - أول مجلة مصورة -
فى أعدادها الإسبوعية على نشر خبر شاذ عن المجتمع " سرقة – نصب – خرج ولم يعد " وكان النشر فى الغالب بيكون أسفل الصفحة التانية على اليمين وف مساحة محدود ، وتسويق العدد بيعتمد إعتماد كلى على الخبر ، القائمين على المجلة كانوا عارفين من أين تؤكل الكتف وإن خبر الجريمة بيحرك جوة المصريين الفضول ، والفضول فى الصحافة إستثمار ناجح .. مع الوقت إستكان الفضول جوة المصريين ، وكان حتما وضرورى ولابد من زيادة الجرعة ، بمعنى إن مساحة الخبر الصغيرة تزيد وتصبح فى نصف الصفحة الأولى وفيها شوية تفاصيل وحبكة درامية ، ومافيش مانع من إن يكون داخل العدد عمود يستكملوا بيه المنشور فى الصفحة الأولى ، ومع زيادة المساحة المنشورة حصل تنوع فى الأخبار ، ودخلنا ف سكة القتل والسفاحين .

بدر الدخانى صاحب الـ 135 جريمة قتل تم إعدامه عام 1920، وإبراهيم الفقير صاحب الـ 200 جريمة قتل ، ، إستثمرت الصحف وقتها جرائم بدر والفقير لزيادة المبيعات ، وتم البيع من باب فضول المصريين وإندهاشهم من إن ف مصر سفاحين أو من باب الخوف من وجودهم بالقرب من مسرح عمليات السفاح ، إنتهى بدر والفقير وإنتهت قصتهم ، وزادت مساحة النشر لصفحة كاملة ، وف خلال سنة واحدة الصفحة بقت إتنين علشان تستوعب جرائم عصابة قتل السيدات ريا وسكينة .
ومن سنة 1923 أصبحت الصفحة الأولى بالكامل تخص جرائم القتل .. إقرا الحادثة " جناية فظيعة فى الأسكندرية مقتل الوجية السورى توفيق بك كرم " إقرا الحادثة " نبيلة إنجليزية مصرية تقتل نفسها قضاء وقدر " النبيلة زوجة النبيل عباس حليم وكانت بتنضف مسدسها .. إقرا الحادثة " الحادث الجلل إغتيال سردار الجيش وحاكم السودان العام " .. إقرا الحادثة " إعتراف المتهمين فى حادث قتل السردار " .. إقرا الحادثة " مصرع الشقى الشرقاوى الشهير " .. إقرا الحادثة " الإضراب الأخير فى المحلة الكبرى " ، وف نفس عدد الإضراب ، وف الصفحة الأخير إعلان عن إصدار مجلة جديدة تابعة للطائف المصورة ، وإسم المجلة " المجلة الكبرى " وكاريكاتير لمصرى بيقرا الإصدار الجديد وجنب منه جمل من نوعية " ثورة .. تحطيم صناديق .. تمزيق كشوف .. رجم بالحجارة .. إطلاق النار .. ضرب .. جرح .. سجن .. بئس هذه الأخبار !! " ، وكان الأمر السئ فى اللطائف المصورة انها خلطت بين المقاومة وبين الجريمة ، بمعنى إن الأمر يتساوى بين جريمة قتل وبين صد إعتداء من قوات الإحتلال .

وبعد ما سنت اللطائف سنة إن الجريمة تفيد فى التوزيع ، وإن العدد الواحد مباح أحيانا إحتلال نصفه " 8 صفحات " للجرائم المتنوعة ، وبعد ما إستكان فضول المصريين تجاه الجريمة لتانى مرة وإحساسه بالتشبع من الجريمة وأخبارها وأخبار السفاحين أمثال محمد منصور خط الصعيد وسعد إسكندر سفاح كرموز وإبراهيم زملك .. أصدر نادى البوليس عام 1957 مجلة " البوليس " ، و 50 صفحة جريمة X جريمة ، حكاوى الفتوات أمثال حميدو الفارس إمبراطور إسكندرية ،ومطاريد الجبل أمثال عنتر السايح وأبو ضيف موسى وعباس الاسود ، ورصد للمحاضر ، وفوازير ، وقصص قصيرة ، وأشعار ، ومراسلات ، كلها لا تخلوا من الجرائم وتراثها العربى والعالمى .

اما عن أشهر تغطية صحفية للجريمة ف مصر ، فكانت قصة سفاح فيلم اللص والكلاب محمود أمين سليمان ، وإهتمام جريدة الأخبار بالحدث ، لدرجة إن الصفحة الأولى من 3 إبريل إلى 16 إبريل 1960 كانت مخصصة للسفاح وأخباره ومناشدة الأهالى بالمساعدة للقبض عليه ، والغريب فى التغطية إن صاحب الجريدة ومؤسسها مصطفى أمين تفرغ كلية للكتابة بنفسه عن السفاح ، وكانت الكارثة فى مانشيت 16 إبريل " مصرع السفاح / عبد الناصر فى باكستان " اللى كانت السبب فى تأميم الصحافة .

وفى التمانينات ظهرت مجلات متخصصة فى الحوادث ، لإستثمار شغف المصريين المتزايد فى قراءة كل ما هو غريب ومثير حول العالم من إغتصاب وسرقة وقتل ونصب ودجل وزنى محارم ودعارة وشواذ وإستغلال أطفال ومخدرات وتحرش وقائمة تطول ، ومنها أخبار الحوادث والحوادث اليوم والحوادث وغيرها من المجلات اللى بتستثمر الجريمة وحبنا فى متابعتها ، وأصبح فى الجرائد اليومية صفحة مخصصة للحوادث زى صفحة حوادث وقضايا .
ومن الاعلام المقروء للإعلام المرئى عشرات البرامج بتحاول جذب المشاهدين لزيادة الإعلانات من خلال فقرات أصابتنا بحالة من القرف .. 100 سنة جريمة منشورة خلقت جوانا حالة من التبلد ، بدئت بخبر ووصلت لإصدار كامل ، وأصبح قتل الإبن لأمه أو أبوه شئ عادى .، وبعد 100 سنة إكتشفنا إننا أجرمنا ف حق نفسنا ، فحاولنا نبرز بعض الإيجابيات فى حياتنا زى أمانة السايس وأمين الشرطة والموظف البسيط .. لكن إقرا الحادثة تكسب .

تراث مصرى 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

" فتح الفطير " .. عادة تصاحب كل أول سنة هجرية