حكاوى تماثيل إسكندرية

كتبت - علا عبد المنعم محمد حسن :

زمان واحنا صغيرين كنا بنلعب لعبة عجيبة جدا اسمها "تماثيل الاسكندرية
"..كنت دايما بسئل نفسي هي ليه تماثيل الاسكندرية مش القاهرة مثلا او مش مصر كلها ليه ؟...وياتري هما الولاد في البلاد التانية بردو بيلعبوا تماثيل الاسكندرية....بس لما كبرت قدرت افهم هي ليه تماثيل الاسكندرية ...عرفت ان وراء  كل تمثال موجود في ميدان من ميادين الاسكندرية حكاية وقصة ان وراء كل تمثال مشاكل وصراعات ورا كل تمثال عظيم قدر يفضل شامخ وواقف رغم مرور الزمن ...علشان كدة كلنا لازم نعرف حكاوي "تماثيل الاسكندرية "

1-حكاية الجندي المجهول وتمثال الخديو اسماعيل :
ماحدش فينا ماعداش علي الجندي المجهول ....وماحدش فينا ماسئلش هو مين اصلا الجندي المجهول ده  ...بس حد فينا سئل نفسه هو المكان اللي فيه النصب التذكاري للجندي  المجهول ده كان ايه اصلا ؟

المكان ده من يجي اكتر من 80 سنة كان مكان تمثال للخديو اسماعيل ...ايوة مكان تمثال للخديو اسماعيل ..طيب هو ايه اللي حصل وازاي اتحول للجندي المجهول والتمثال فين اصلا ؟ّ!

 في سنة 1927  وتحديدا في تبادل الزيارات بين مصر وايطاليا بين الملك فؤاد الاول والملك فيكتور عمانويل ملك ايطاليا  ...
قررت الجالية الايطالية في الاسكندرية انها توثق وتحتفل بالزايارات دي ...
فقررت الجالية الايطالية انها تهدي الارض المواجهة للقنصلية الايطالية في ميدان المنشية لبلدية الاسكندرية  علشان يتعمل عليها نصب تذكاري يتحط فيه تمثال للخديوي اسماعيل اللي كان الملك فؤاد بيعتبره مثله الاعلي...

وبالفعل بدأت اعمال بناء النصب التذكاري واللي اخد شكل جمالوني  يوناني علشان يناسب طابع الاسكندرية واللي اتعمل كله من رخام اتصنع مخصوص في مسابك كانويكا في روما واللي اتكلف وقتها 2900 ج مصري.
وبالفعل اتنحت التمثال علي ايد النحات الايطالي

 " ميلوفيتش " واللي نحته بطول 3 متر من معدن البرونز الخالص واستمر في نحته 9 سنين....وفي عام 1938 وفي موكب مهيب واحتفال ضخم وفي عهد الملك فاروق  ازاح الستار عن التمثال  اللي تحط علي النصب التذكاري الر خامي  " فيه فيديو تحت بيوضح لحظة الاحتفال "

وفضل التمثال في مكانه الرخامي اكثر من 25 سنة لغاية سنة 1966 علشان يجي عبد الناصر  ويقرر انه يهدي النصب التذكاري لاسماعيل للقوات البحرية علشان تشيل التمثال
و  تاخد القاعدة الرخامية وتحط مكانه نص تذكاري للجندي الجهول ويترمي تمثال الخديو  في المخازن لأكتر من 40 سنة...

لغاية لما تقرر مصلحة سك العملة انه تسيح التمثال وتحول معدنه لعملات معدنية ! ...عرفت ايطاليا بالكارثة اللي هتحصل فعرضت انها تشتري التمثال علشان تحطه في أحد ميادين روما لانه بيعتبر تراث ..لكن الحكومة المصرية كتر خيرها رفضت انها تبيعه وخافت من فضيحة تسيحيه ...فقررت انها تحطه في ساحة كوم الدكة في وش المسرح اليوناني وفي ظهر سينما امير والتمثال موجود هناك دلوقتي ...نسيت أقولكم انه سنة 2015 الحمد لله التمثال أدرج انه أثر

في كل الاحوال انا مش ضد اننا نعمل طبعا جندي مجهول نخلد بيه الجنود اللي فقدوا ..انا بس ضد  ان  اي سياسي او صاحب منصب يجي فيقرر انه يطمث كل اللي عمله اسلافه لمجرد انه بس مختلف معاهم او شايف ان الدولة دي مش ع نفس ايدولوجيته..كان ممكن يبقي فيه 100 مكان للجندي المجهول غير مكان تمثال الخديو اسماعيل ....

2-تمثال سعد زغلول :
" هو مات وقال مافيش فايدة وعطانا ضهره " كلنا بنقول الجملة دي بس حد فينا عارف هو ليه اصلا سعد زغلول عطينا ظهره ومين اصلا اللي نحته وايه حكايته ؟

تمثال سعد زغلول اشهر تمثال  في الاسكندرية....
سنة 1930  قررت حكومة النحاس باشا انها تطلب من محمود مختار اللي كان في باريس وقتها انه ينحت تمثالين لسعد زغلول علشان واحد يتحط في القاهرة والتاني يتحط في الاسكندرية..

وبالفعل محمود مختار لبي الطلب وجيه من باريس  وبدأ انه يجمع التبرعات مع الحكومة علشان يقدروا يشتروا البرونز المطلوب من اسوان اللي هيستخدم في نحت التماثيل ...لكن للاسف حكومة النحاس باشا والوفد ماستمرتش كتير علشان تيجي مكانها حكومة اسماعيل صدقي اللي كانت طبعا حكومة الملك واللي رفضت ان التماثيل تتنحت وقالت ان الملك فؤاد رافض ان تماثيل تتعمل لحد ماهوش من العائلة المالكة وان سعد زغلول هو شخص عادي وفلاح ومايستحقش انه يخلد..

لكن محمود مختار صمم انه ينحت التماثيل وبالفعل نحتهم ...واتحط التمثال في مكانه في عهد الملك فاروق واللي بردو ازاح الستار عن التمثال بنفسه سنة 1935
 "فيه فيديو بيوضح الاحتفال بالتمثال "

سعد زغلول مش عطينا قفاه ولا حاجة ...مختار كان قاصد انه يحط التمثال مواجه للبحر علشان يدل علي الامل وتحطيم اي قيود ممكن كانت تقف قدامه....كمان علي جانبين التمثال االبحري والقبلي ...نحت سيدتين ..السيدة الاولي في مواجهة البحر وبترمز للدلتا والوجه البحري وتأيدهم لسعد زغلول ...والوجه القلبي سيدة من الصعيد بتحمل مفتاح الحياة رمز الخلود...كمان التمثال ده ادرج في الاثار ويعتبر أثر ...
التمثال التاني لسعد زغلول موجود في وسط البلد في القاهرة وتحديدا في مواجهة كبري قصر النيل

3-تمثال محمد علي :
محمد علي يمتطي جواده ....من اشهر التمثايل في الاسكندرية تمثال محمد علي اللي موجود في ميدان المنشية او اللي كان معروف بميدان القناصل ...التمثال ده اقدم تمثال فيهم وبيعتبر اثر من اثار الاسكندرية
 اللي امر ببناء التمثال ده كان الخديو اسماعيل سنة 1868...وبالفعل اتنحت التمثال من البرونز  علي يد النحات الفرنسي "جاكومار"   واتكلف حوالي 200 الف فرانك وقاعدة التمثال اتصنعت خصيصا من رخام كرارا الابيض

ودي كانت المرة الاولي اللي يتعمل فيها تمثال لشخص راكب حصان ويتحط في ميدان عام في بلد عربي ومسلم ودي الفكرة اللي رافضها علماء الدين  وقتها ....التمثال اتنحت في فرنسا واتعرض لمدة شهر في شارع الشانزلزيه وتم الاحتفال بيه في الاسكندرية عام 1872 .والحمد لله التمثال في مكانه لغاية دلوقتي ...

في الاخر تمجيد الاشخاص وتخليدهم بيجي بعد ممامتهم مش وهما عايشين  بعد مابنحس بأنجازتهم وبنعرف قد ايه هما كانوا عظماء  بعد لما التاريخ بيقول كلمته وبينصفهم...
المفترض ان المبدأ اللي يكون موجود هو اننا ضد تأليه ونفخ الساسة والقادة وتحولهم لفراعين يتعملهم تماثيل ..
لكن ده مايمنعش اننا نسيب الكلمة للتاريخ.. للزمن وللوقت اللي هينصف وهيخلد اللي يستحق التخليد وهيحاسب اللي بيخلوا  بلادهم أضحوكة العالم  ...
الناس اللي فوق دول اتفقانا او اختلافنا مع افكارهم ...
بس كل واحد فيهم حاول انه يعمل حاجة بجد ...حاجة لبلده تستاهل انه يتحطله تمثال في ميدان عام ...